يسعى النقد الذي عليه مدار تحديد المعايير الصحيحة من السقيمة إلى المساس بأهم مظاهر الحضارة وتمثلاتها: الأدب، فيقوم بتصفية أجناسه المبتدعة (شعرا، نثرا) من كل ما يشوبها بيانا، ولغة، وأسلوبا، كما يواكب بالنقد عملية الإبداع من ناحية المواءمة الاجتماعية، وتمثل الحياة الثقافية للمبدع.

وبين الأدب كعملية إنشاء بالقوة والنقد كعملية تحفيز بالفعل علاقة وطيدة، ولا يهم في هذا المقام بيان الأسبق منهما للآخر، بقدر ما يتحرر موضع التلاقي بين العمليتين في نفس المبدع ذاته، فلقد عرف الأدب العربي مذ فجر انبعاثه معاورة النقد له، وظهرت على ركحه أسماء ناقدة اشتغلت على تهذيبه، والرفع من الذائقة الجمالية له، فدونوا ذلك تارة، ونقلت عنهم مواقفهم حينا آخر، وحفظت لنا المدونات النقدية التراثية كمّا لا بأس به من تلك الصورة الجميلة للحركة الأدبية والثقافية زمنئذ.

ويستهدف المقياس السنة الأولى ملمح ثانوي